الباحث حسن قرنفل يوصي بإعادة النظر في انتقاء أساتذة قادرين على أداء دورهم التربوي
ظاهرة العنف تفشت في السنوات الأخيرة بشكل مخيف داخل المؤسسات التعليمية. والمغرب لا يشكل الاستثناء، فما يقع في باقي الدول أصبح أمرا عاديا. ففي أوربا والولايات المتحدة، أصبح التلاميذ يقدمون على قتل بعضهم، إذ يحملون معهم الأسلحة الحادة والنارية.
تفشت ظاهرة العنف المدرسي، ما هي أسبابها في نظركم؟
بالفعل لوحظ أن ظاهرة العنف تفشت في السنوات الأخيرة بشكل مخيف داخل المؤسسات التعليمية. ولا بد من الإشارة إلى أن المغرب لا يشكل الاستثناء، فما يقع في باقي الدول أصبح أمرا عاديا. ففي أوربا والولايات المتحدة، أصبح التلاميذ يقدمون على قتل بعضهم، إذ يحملون معهم الأسلحة الحادة والنارية ويؤدي ذلك إلى سقوط أرواح. وهذا راجع في جزء منه إلى فقدان المؤسسات التعليمية هيبتها والاحترام من لدن التلاميذ كما كان الأمر في السابق ولان الصورة السابقة للأستاذ والمربي بصفته طرفا أساسيا في التنشئة التعليمة، يكمل بشكل ما الدور الذي يقوم به الآباء، بدأ يتراجع وأصبحنا أمام أساتذة هم مجرد موصلين للمعارف والمعلومات، للتلاميذ دون أن يمارسوا دورهم تربويا وتعليميا وتوجيهيا. بصفة عامة نلاحظ تراجع هيبة مجموعة من مؤسسات الدولة، بما فيها مؤسسات الأمن مثلا، فما بالنا بالمؤسسات التعليمية التي لا يتوفر فيها رجال التعليم على وسائل للردع من شأنها الحد من شيوع ظاهرة العنف المدرسي. لذلك لم نكن نسمع بالخلافات والتوترات التي تنشأ داخل المؤسسات التعليمية وتؤدي إلى الاصطدامات بين التلاميذ والأساتذة.
هل لآفة المخدرات دور في تنامي ظاهرة العنف المدرسي؟
بالفعل فظاهرة تناول المخدرات بكل أنواعها من طرف التلاميذ وولوجهم إلى المؤسسات التعليمية في حالة سكر أو في حالة تخدير يدفعهم إلى القيام بسلوكات تشوش على العملية التربوية، وأحيانا يصابون بنوع من الهيجان والتوتر الذي يدفعهم إلى القيام بأعمال عنيفة داخل المؤسسات التعليمية.
هل لتراجع الحضور الأسري دور في شيوع الظاهرة؟
بطبيعة الحال، منذ ثلاثين سنة تقريبا حصل نمو ديموغرافي كبير في المغرب، فجيل من الآباء حصل على قدر مهم من التعليم وأصبحوا متشبثين بوسائل وطرق تربوية حديثة خلاف الطرق التي تربوا عليها، وبالتالي لم يعودوا يستعملون العنف في تربية أبنائهم. هذا أمر إيجابي ولكنه دلل كثيرا الأبناء، سيما، أن أغلب الأسر المغربية تتوفر على عدد محدود من الأبناء، ما دفع الآباء إلى التعامل معهم بكثير من الرقة والحنان، ما أفقدهم دورهم في التربية والتوجيه وأصبحنا أمام انفلات بعض الشباب، خاصة في مرحلة المراهقة، نظرا لعجز الآباء والأمهات إيجاد أساليب للتعامل معهم وبالتالي، فهذا المراهق الذي لم يعد يؤمن بأي سلطة داخل الأسرة، يتمرد ويتعامل بنوع من العنف يمارسه خارج مؤسسة الأسرة وفي مؤسسات أخرى كالشارع والمؤسسات التعليمية في محاولة لإثبات الذات، تنتج عن ذلك آثار سيئة تؤدي في نهاية المطاف إلى اضطراب المسار الدراسي لهؤلاء الشباب ويقود إلى نوع من الفوضى والشغب وينتج عنه عنف ضد التلاميذ والأساتذة والإداريين.
أليس لغياب الأندية والأنشطة داخل المؤسسات دور في ذلك؟
هذا جانب مهم، مع الأسف نلاحظ تراجع دور الأندية عن القيام بمهامها التنشيطية والتكوينية داخل المؤسسات التعليمية. فمثلا الرياضة المدرسية، كانت حاضرة بقوة خلال فترة السبعينات وتراجع دورها التربوي. تراجع دور الأنشطة الثقافية والمسرح المدرسي والمسابقات الثقافية والخرجات والرحلات الاستطلاعية، التي كانت تنظمها المؤسسات التعليمية، كانت تحاول من خلالها فتح آفاق جديدة أمام التلاميذ وخلق أجواء للتلاحم. كل هذه الأنشطة تراجعت بشكل كبير علما أن هناك الآن إمكانيات كبيرة يمكن استغلالها للحد من ظاهرة العنف المدرسي داخل المدارس.
في نظركم ما البديل لإرجاع الهيبة للمؤسسات التعليمية من جهة وللحد من ظاهرة العنف المدرسي من جهة أخرى؟
نحن أمام صيرورة اجتماعية، تدخلت فيها عوامل كبرى، وتطور ديموغرافي وعوامل اقتصادية وعوامل ثقافية مرتبطة بالحصيلة الثقافية للآباء ومرجعيتهم في التربية، لذلك فظاهرة العنف المدرسي نتيجة لجملة من التحولات التي عرفها المجتمع المغربي. المطلوب الآن معرفة كيفية التعامل مع هذه التحولات والمعطى الجديد والتفكير في إيجاد وسائل جديدة من أجل الحد من هذه السلوكات العنيفة داخل المؤسسات التعليمية والتشديد على احترام القوانين ورد الهيبة لها بما فيها العودة إلى الأساليب القديمة، مثل فرض الهندام الموحد والالتزام بالقانون الداخلي للمؤسسات وعدم التساهل فيه. ويجب إعادة النظر في انتقاء الأساتذة، الذين يتوفرون على شخصيات قادرة على أداء دورها التربوي دون اللجوء على قمع التلاميذ وفي الوقت نفسه الحرص على عدم وقوع انفلات داخل المؤسسات التعليمية.