[right]المهمة الأساسية للتربية, هي اعادة الانتاج, بينما الموسيقى, هي الانتاج الفني الموسيقي, حيث يغدو الصمت قاعدة ذهبية لأن التذوق الموسيقي يأتي بالانصات للصمت الذي يتخلل الأصوات أكثر منه للأصوات نفسها, "ان الفن لا ينسخ المرئي, وانما يجعل الكائنات مرئية."1 ,"الموسيقى لاتنسخ المسموع, وانما تجعل الصمت مسموعا"2.
ان الاهتمام بالموسيقى وتعليمها للتلاميد أصبح من الركائز الأساسية في تنمية شخصياتهم والجوانب الاجتماعية لديهم . ان تدريس الموسيقى الآن كمادة من المواد الدراسية التعليمية دون الالتفات إلى قدرتها الغنية وإمكانياتها التربوية الخاصة في تشكيل شخصية الطفل يعد خطأ فادحا لابد من تصحيحه وتعديله, بحيث تؤثر الموسيقى بالشكل المطلوب في عالم الطفل وشخصيته3.
إن الموسيقى تتميز كفن بقدرتها التي لا تضاهى على التأثير في أدق انفعالات الإنسان والتعبير عن أحاسيسه وعواطفه ومصاحبته في أغلب لحظات وجوده, حيث إن ارتباط الطفل بالموسيقي يبدئ من إنصاته لدقات قلب أمه أو غنائها له في المهد, الى ما يصحب ذلك من فرحة بالموسيقى في أغاني الأطفال وحيويتهم ونشاطهم باندماجهم فى الألحان.
إن المفكرين والفلاسفة انتبهوا منذ القدم إلى أهمية دور الموسيقى في التأثير والتعبير ودورها الذي لا بديل عنه في إنماء طاقات الطفل المختلفة. حيث إن شخصية الطفل تتركب من عدد من المكونات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية تتفاعل مع بعضها البعض وتتبادل التأثيرات.
من الناحية الجسمية, التربية الموسيقية تؤدي إلى تنمية التوافق الحركي والعضلي في النشاط الجسماني وأيضا مجموعة من المهارات الحركية إضافة إلى تدريب الأذن على التمييز بين الأصوات المختلفة وتنمية هذه الجوانب الجسمية من خلال أنشطة موسيقية متعددة كالتذوق الموسيقى والغناء والإيقاع الحركي والعزف على الآلات.
من الناحية العقلية, دور التربية الموسيقية يتمثل في تنمية الإدراك الحسي والقدرة على الملاحظة وعلى التنظيم المنطقي وتنمية الذاكرة السمعية والقدرة على الابتكار, إضافة إلى مساهمة الموسيقى في تسهيل تعلم وتلقى المواد الدراسية وذلك على عكس ما يعتقد البعض.
من الناحية الانفعالية, تؤثر التربية الموسيقية في شخصية الطفل وقدرته على التحرر من التوتر والقلق فيصبح أكثر توازنا إضافة إلى أنها تستثير فيه انفعالات عديدة كالفرح والحزن والشجاعة والقوة والتعاطف وغيرها وهو ما يساهم في أغناء عالمه بالمشاعر التي تزيد من إحساسه بإنسانيته.
من الناحية الاجتماعية, التربية الموسيقية تقوي لدى الطفل أثناء الغناء والألعاب الموسيقية ثقته بنفسه فيعبر عن أحاسيسه بلا خجل ويوطد علاقته بأقرانه إضافة إلى الجانب الترفيهي في حياته فضلا عن أن الموسيقى تنقل التراث الثقافي والفني إلى الأطفال.
كنتيجة, التربية الموسيقية لا تسعد الطفل فقط بل تساعده على نماء شخصيته في كل جوانبها وعليه فلابد أن يكون لها مكان أفضل في الحياة اليومية للطفل وفى المدارس لأهمية الاستماع والتذوق الموسيقى الذي يعد دعامة أساسية في عملية تربيته.
1. بول كيلي
2. المهدي المنجرة
3. المجلس العربي للطفولة